بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الأربعاء، 15 مارس 2023

الفكرة

By 12:20 ص

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 

اليست الفكرة هي التي تحمل الاحساس بداخلنا؟ 


القدم مغمور بالتراب وعلى الحجر تجلس متكئا على جذع جاف، ثياب رثة وبطن خاوية تنظر الى السماء وبداخلك براح راحة في نفسك لا تسعه الارض ولا السماء، كأنك تطفو على سحابة تسبح في فضاء تداعبها النسمات... 

القدم مغمور بماء عذب رقراق وعلى وتير الفرش تجلس متكئا على وسائد ريش ناعمة، ثياب انيقة بعلامات تجارية باهضة، كوب العصير بجانبك وبطنك ممتلئة بما طاب ولذ... وبداخلك ضيق قبر في نفسك عليك منطبق بعمق سحيق كمن يحفر بأظافرة محاولا الخروج من بئر القي فيه وحت عليه التراب 


مشهد تراه... وآخر تعيشه... كمشهد يراك فيه الناس... والمشهد الذي حقا تعيش... 


فأيهما تختار حقا هو خيارك انت... وكما لم يسأل الله الناس عن ما فعلت وعملت ... فلن يسالهم أيضا عنك كيف كان مظهرك ومستواك وماهي شعبيتك... 


فإحذر ما تختار وركز فيما ستجيب به عندما يأتيك السؤال... 


فعمرك فيما أفنيته ... وشبابك فيما أبليته... ومالك من أين كسبته وفيما أنفقته ... وعن علمك ما عملت به... 

هل ترى أيا منها وما كان رأي الناس فيه؟ وكيف كان مظهره بين الناس وفي آي مكان يسكن أو ما حجم بيته ونوع سيارته وماركة حذائه؟ 


لذا فقد تكون ملكا بما تحمل في قلبك وإن لم تجد ما يسد جوعتك أو يقي جسدك البرد ... 


شكرا


أكمل قراءة الموضوع...

الثلاثاء، 14 فبراير 2023

هل تذكر؟

By 7:37 م

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


أتذكر عندما كنا نجلس في ذات المقعد نكتب ما أسكتنا الأستاذ جميعا ليكتبه على السبورة؟

أتذكر عندما دخلنا الفصل وكان أحدهم قد رسم وكتب وشتم الإدارة وبين الجميع إختفى؟

أتذكر عندما كان العقاب سيطال الجميع حتى خرج محمود من بين الجميع مترجيا الصفح على أن يشي بكل من شارك في هذا العمل الشيطاني الذي فيه قلة إحترام للسلطة ؟

أتذكر كيف أن الفصل كله وبما فيهم محمود كان عقابهم يوميا حتى إنتهى العام؟

أم أنك ستذكر ذاك البصاص الذي كان صدره أضيق من علبة سردين لا يحتمل عدم إفشاء الأسرار؟

لعلك ستذكر من كان يجلس في آخر مقعد وإسمه الحمار والذي نادرا ما كان يصحو على نفسه ولعلك تذكر انه كان يتناول عقاقير أمه المهدئة حتى يشعر بإرتخاء وراحة في تلقي ما يمليه عليه الأستاذ الذي لا يخاف من ظله ومن لقائه خارج أسوار المدرسة..

وربما كنت ممن حضروا معارك بعد التسريح خلف الأسوار وكان الضحية دائما ذاك التلميذ المسكين الذي صادف أنه ولد في هذا البلد لأب وأم كانت ولادتهم في بلد آخر فقط لأنه لا نصير له...

أم أنك نسيت أنك إن أردت تصليح هاتفك الأرضي كان عليك أن تجهز إفطارا متنوعا لفريق الصيانة ذاك أضعف الإيمان إن لم يصيبك السعال لتكح العشرة و الخمسين.؟

ولعلك جربت يوما إنهاء معاملة في مكان ما ولم يكن لديك ممن كانوا معك في الصف من عبد الجليل ومصطفى ومرعي من يعمل هناك ولا من يعرفهم ويعرف جيرانهم فكان لزاما عليك ان تختار بين أن تدفع ثمن القهوة أو ان تكون انت كحبة الكسبر تتفرقع على صفيح ساخن حتى تنسى مصلحتك … 

لعل المعادلة التي أفسدت بين من كانت أحلامهم هي أمالهم وتحولت امالهم إلى أحلام شيء من القهوة وبعض من الكحة لقضاء المصالح…

فما الجديد؟ 
أن الجميع كانوا صغارا لا يقدرون إلا على فك الحلوة من بعضهم أو إفشاء السر للمدير فذاك اقصى ما يملكون… 

وماذا بعد أن بات الرصاص أرخص عندهم اليوم من الحلوى وها هو البصاص وزيرا ومن اشبع الغريب ضربا يملك سلطة وحضيرة وذاك الغريب المهضوم هو من يتم الصفقات بين هذا وذاك لأنه لا يحاسب على ما يفعل وفي الآخير هو ليس ليبيا أصيلا على كل حال...
ومن بات اليوم لا يتوانى عن أخذ قطعة أرض لجاره فقط لأنه قدر على ذلك كما قدر على أخذ المقعد من زميل له حينها... 

فما ضعنا وما ضاقت بنا المدينة ، إنما ضاقت قلوب الرجال وتاهت نخوتهم وعبدوا المال وبات سعيهم لإرضاء النساء لأجل حق خلقه الله لهم أغلى عندهم من طاعة من خلق إلا من رحم الله وما ودوام الحال الا من المحال ونحمد الله الذي قهر عباده بالموت 

فما أنت اليوم إلا ما كنت تتهيأ له البارحة ، وورقة الاجابة في الامتحان لن يطلب منك أن تكتب فيها عن زملاءك ... إنما أنت وحدك من سيقف أمام الله ويجيب عن ما فعل 
فانتبه لما تفعل اليوم حتى تملك الاجابة الصحيح عند الرحمان 

شكرا 
أكمل قراءة الموضوع...

الجمعة، 11 نوفمبر 2022

الشرارة...

By 8:14 م


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 


تجلس في غرفة المعيشة التلفاز باهتمام تشاهد وبه تتسلى لا يمر في ذهنها شيء أكثر من تعاطفها مع الحلقة المائة والستين من مسلسلها الذي اسر عقلها وانساها ابنها وزوجته التي تسمع صوتها في المطبخ تجهز الطعام وتهيئ الجلسة وتقوم على شأن البيت والود من جانبها يغمرهما والفرحة في قلب الأم بزواج ابنها وحصوله على زوجة بنفس طيب في الطعام وروح مرحة وتلك هي الحياة الهادئة التي يرجوها الجميع…

يشتد الموقف حدة في مسلسلها فتتهيأ الأم للصدمة متوقعة الأسواء من زوجة أب البطلة التي تكاد تفقد الوعي وهي تشعر انها مظلومة وعلى يقين أن زوجة الأب تكيد لها والأم شاهدة على ذلك وما ان امسكت البطلة بمقبض الباب ليخطف بصر الأم دخول زوجة ابنها عليها وما كادت تطأ قدمها الغرفة حتى انتفضت وهمت بالخروج راكضة من الغرفة لتنسى الأم المسلسل وتنتبه لما فعلته زوجة ابنها وتتساءل ما الذي رأته حتى تخرج بهذا الشكل دون أن تقول كلمة واحدة ولا تستأذن. أفزعتها؟ أم انها احست اني اهملتها؟ ولكنني مندمجة في المشاهدة ماذا تنتظر مني ان ارحب بها؟ ياله من تصرف سمج وقلة ذوق منها… بنات آخر زمن تقول الأم في نفسها ممتعظة… يجب ان تتعلم الأدب فأنا عجوز مسالمة جالسة في حال سبيلي إن لم يعجبها الجلوس معي لما حضرت منذ البداية!؟ 

واثناء خوض الأم في بحر ظنونها وتكهناتها وفرد اشرعتها غربا وشرقا في تفسير ماحدث…

تدخل الزوجة مسرعة الى المطبخ وترفع القدر عن الموقد فقد كاد يحترق وقد سهت عنه وتذكرته في آخر لحظة وقد فرحت انها أنقذت الغذاء فلم يتبقى وقت على عودة الزوج من عمله…

وضعت القدر وأخذت تجهز السفرة وتقطع قطع السلطة وفي ذهنها تقول الحمد لله لم يضع الجهد سدا ولم يحترق الطعام، تقول أمي دائما عن سهواتي انني ذات يوم ساحرق البيت او يرجعني زوجي لبيتنا لاتدرب على تحمل مسؤولية البيت والوقوف على شؤونه ولكن ستر الله اليوم وسيكون لي درسا ولن اكرره وما ان وضعت صحن السلطة في مكانه حتى دخل الزوج ملقيا السلام مبتهجا بيوم عمل مثمر لتستقبله زوجته عند الباب فرحة لفرحه واضعة حقيبته جانبا مرحبة تقول: حضرت لك اكلتك التي تحب انت وأمي تعشقانها واياك ان تشتكي قلة الملح فقد قللت مقداره لاجل امي تعرف ذلك…

ابتسم وهو يدخل على امه محييا لتستقبله ببرود غير معهود ليداعبها ممازحا مازلتي تشاهدي هذا المسلسل؟ تزوجت البطلة؟ ويدخل لتغيير  ملابسه…

لترمي الام زوجة ابنها بنظرات احتقار واستغراب وكأنها تقول ما الذي فعلنا لك حتى تتصرفي بهذه الفظاظة وقلة الذوق والادب. يا حسرة على ولدي الذي وقع هذه الوقعة لفتاة لا تحترم امه ولا تقدرها… وبذلك ترسل ومضات سلبية لزوجة ابنها... التي تخرج لاحقة زوجها مستغربة من تصرف حماتها والبحث في ذهنها متسارع لمعرفة ما الذي قد تكون فعلت حتى تستحق هذا التصرف ولا تجد الا ان حماتها لا تحبها ولا تقدر ماتفعله وتقلل من شأنها وشأن اسرتها وكل ماتفعله مع ابنها…

وكل منهما في ذهنه ان الآخر هو من بدا ببعض الظن والبناء عليه واعلاء بنيانه وجعله حاجزا بينهم وبين العقل دون محاولة التواصل والتحاور لتوضيح ماحدث ووجهات النظر بينهما ليعود السلام بينهما…

ليكون سوء الفهم والتقدير وقلة الحوار والتواصل شرارة الحياة البائسة التي سيعيشها الجميع وعلى رأسهم الزوج الذي لا يرى أي من الأسوار التي بنتها كل منهن في ذهنها ولن تستطيع اقناع ايا منهما أنه لا وجود لتلك الأسوار ولا أسباب اقامتها.


 

 

شكرا 

 


أكمل قراءة الموضوع...

الخميس، 3 نوفمبر 2022

الملك...

By 10:45 م

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




أحداث متداخلة الأماكن والشخصيات ، وقد تجد أنك تنتقل من بلد لآخر بخطوة واحدة وتلتفت لترى البلد الذي كنت فيه وكأنك تمر من أمام مبنى وتلتفت لتراه خلفك، ينتابك الخوف، فتسرع، وتشعر بالفرح فتخف نفسك ويغمرك إحساس سعادة خفة لا تعلم سرها... 

تمر الأحداث وبدون سابق إنذار تفيق وانت لا تدري ما سيحدث بعد آخر ما كنت تنوي فعله ولن تعرف لأن لا حلقة ثانية للحلم الذي تراه قبيل إستفاقتك وكأن روحك بين حقيقتها والخيال الذي تعيشه أنت في الحياة الدنيا، ولكن إحساس الفرحة والخفة التي عشت يلازمك...

أفقت وبسهولة دخلت دورة المياه ولم تجد صعوبة في قضاء حاجتك وإغتسلت وبنفسك بعض الشيء اهتممت ، واديت فرضك وصليت ولله دعوات أرسلت في نفسك أماني التحقيق لها طلبت... 

شيئا من الطعام في جوفك ألقيت وبه اكتفيت ومعه شربة ماء عذب ارتشفت وعلى الله توكلت والطريق بخطوات ثابتة قطعت  وحيث إخترت الأخذ بالأسباب وصلت وفيه انشغلت... 

دون دراية منك كنت تتنفس وقلبك ينبض وجهازك المناعي عنك يدافع ولسانك بحرية ينطق وتبصر وتلمس وتعطش فتشرب... 

يأتيك رزقك مساق إليك لا يحجزه عنك أحد، قليلا كان او كثير... 

معاملة بعد أخرى وحديث بعد آخر لتنهي يوم عملك وقد نال منك التعب والجوع وشيء من العطش...

إدراجك تعود وإلى بيتك تدخل وتلقي احمالك وتجهز ما تيسر من لقيمات تشعر معها بشبع في بطنك وارتخاء في جسدك، لتستلقي وذهنك صافي لا غل فيه ولا حقد ولا عُجب ولا رياء ولا ضغينة على أحد... 

تمد ساقيك وترتخي في فراشك الوثير والهدوء يعمك... بعد اداء فرضك وواجبك...

تطفئ الأنوار لتبدأ أحداث متداخلة الأماكن والشخصيات ، لتجد نفسك جالس على عرش والخدم حولك يعرضون عليك الأطايب واللذائذ والوزراء يشيريون اليك بأمر الرعية وأنت تأمر وتنهى وكل ما تطلب مجاب وقد حيزت لك الدنيا بما فيها... 


شكرا 

أكمل قراءة الموضوع...

السبت، 28 نوفمبر 2020

بهذا حلت كل مشاكلي

By 10:22 م

 السلام عليكم ورحمة الله وبركته




قناعة أن الدنيا لأحد لا تدوم وأنها فقط ليست أكثر من يوم أو بعضه، وأن ما أنت فيه له سبب لك فيه نصيب الأسد ولم يعد للأسد نصيب من بعدك.

قناعة أن لا حال يدوم ولا يطول اليوم وأن الأحداث تتوالى وأن النفس بطبيعتها تنسى وأنها تسهو لتعود وتوقعك في شيء من سوء عملك. 

كونك ترى أنك بريء وتسير على مستقيم السراط، لا يعني حقا أنك كذلك وأنك معصوم في الخطأ لا تقع، ولا ترتكب منه في يومك ما لا عدا له تستطيع. 

ولكن إقتناعك بأنك مخطئ وهذا أمر واجهك فإعتبرته عقبة تحتاج لوسيلة لتتخطاها وتستمر في عيش يومك وأنت تعلم جيدا كيف تتخطى هكذا عقبات وتصبح أسهل، إن مرة أخرى واجهتك 

وأنك لست أنت من يدير شؤون العالم وأنه بك أو بدونك سيستمر ولم يطلب منك عندما خلقت أن تاتي بأكثر مما تستطيع في شيء إلا إن كنت أنت من يحمل نفسه مالا تطيق. 

لكي لا يسحبنا الحديث أبعد، فإن قناعة أنك لست مطالبا بأكثر مما تستطيع وأنك إن قمت بأفضل ما تستطيعه أنت لا ما يتوقعه منك أحد؟ فقد أحسنت صنعا وأديت واجبا، فانظر أمامك واستمر ولا تتوقف لأنك لن تستطيع فعل أكثر مما فعلت، وبإمكانك فعل أكثر إن أردت في المرات القادمة.

وإن تأملت في نفسك لوجدت أن ما ضيعته من وقت في الشكوى من حال أنت أحد أسباب وجودك فيه أفيد بكثير إن كنت أنفقته في فعل ما يسعدك في الدنيا قبل الآخرة والبناء لها لأنها تبقى وما ستبنيه في دنياك هو والدنيا زائل لا محال...

قناعة تحل كل مشاكلك... 

ليس بالهرب منها أو بحلها بمشاكل غيرها أكثر تعقيدا، لكن بمواجهتها في الإتجاه الصحيح الذي في نهايته تكون قد تخطيتها ونظرت خلفك وأسعدت بما فعلت لأن المكافأة ليست من أحد ممن هم حولك أو مر بك في عمرك، إنما المكافأة إن كنت لها أهلا ستكون ممن خلقك، وإن كنت تسعد بما أعد الناس لبعضهم البعض من رغد العيش! فما بالك بما أعد رب البشر للبشر في جنة الخلد؟ 


قناعة ستحل كل مشاكلك، منبعها مالا يكتمل إيمانك إلا به... 


شكراً

أكمل قراءة الموضوع...

الأحد، 13 سبتمبر 2020

وجدت اليوم خيرا...

By 7:21 م

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



وجدت اليوم خيراً... وكل يوم 


في طريقي الى مقر العمل لأبدأ يوم عمل جديد، وقفت السيارة عند الإشارة الحمراء والإزدحام يتصاعد... 

وإذا بشاب يبيع المناديل في علب كرتونية عارضا اياها على السيارات يحوم، وما أن إقترب من نافذة السيارة حتى ناداه من بالسيارة التي بجانبي ليشتري منه صاحبها كل العلب التي كانت بيده لأسمع أجمل لحن بالسعادة والبهجة مشحون لكلمة 

نهارك مبارك 

إنطلقت بإنطلاق الضوء الأخضر لألتقي باإزدحام جزيرة دوران وأستمر في طريقي إلى اليمين منعطفا من أزدحام أكثر شدة هربت... لأمر مصبحا على صديق يدير وإخوته مخبزا يبيع حقيقي الخبز وإذا بأحدهم ينقصه الثمن فسمعت أعذب لحن لكلمة...

مربوحة مسهلة إن شاء الله وتلاها بـ الله يبارك فيك 

فابتسامة وشكر وسلام

وقبل أن أنعطف داخلا الطريق السريع بعد أخذ بعض أرغفة ساخنة على الحداد مررت... سائلا عن قطعتي حديد بحرف الـ وكم تكلفتها لانجز بها غرضا عندي بالبيت ... فأشار صاحب المكان أن لا تفكر في الأمر هذا أمر يسير هذي منا لك هدية. 

فشكرت والخير أثنيت بعد أن الححت وأصريت على أخذ الثمن ولكن كانت إشارة بابتسامة ود مصحوبة تقول 

نهارك مبارك هذه علينا...

أكملت طريقي إلى مقر الشركة منطلقا من الطريق السريع ذو الحركة البطيئة ... ولكنه كان دون توقف يتحرك حتى وصلت لمنعطفي الذي أردت... 

ركنت السيارة واذا بالجار للتو عاد من المخبز ببعض أرغفة، عليه السلام ألقيت وناولته رغيفين من مخبز صديقي قائلا هذا خبز أصلي لا محسنات ولا كيماويات فيه سيذكرك بطعم قديم... 

فابتسم وقال إن كان كذلك وأنا اشاركك بخبز الفرن هذا سيعجبك... 

شكرت وابتسمت وإلى الشركة دخلت وكان التيار الكهربي قد غادر والموظفين قد شرعوا النوافذ لتمرير التيار في هذا اليوم الحار... 

واذا بأحدهم يقول والطرب في كلماته وعلى محياه... الخبز الحقيقي هذا يحتاج الى شيء من التونة والطماطم والفُلفُل الحار مهروسا في بيت عربي أصيل... 

وما هي إلا لحظات حتى جهز ما لذ من الشطائر بهذا الخبز الساخن وأحضر آخر زجاجة عصير برتقال باردة وكان الحمد لله آخرها بلذيذ طعم وبارد شراب.

واستمر اليوم للعمل بطبيعته هاتف من هذا واخر من ذاك يدخل هذا ويخرج ذاك ، تصبيحة من هنا ودعاء برحمة الوالدين من ذاك... 

ارزاق يسوقها المولى من حيث لا يحتسب أحد وإن شكرت لزادك... وإن شكرت لزادك.

وعندما وقفت أمام المرآة في دورة المياه أكرمك الله ... تذكرت أنني أتنفس دون تعب ودون إجهاد ولا أشعر بمغص في بطني ولا دوار ولا ضرس العقل يؤرقني  فحمدت الله على نعمة تذكر النعمة وشكرها وسألته المغفرة على ما أقترف من ذنوب بجهل وسهو أو عمد أحمق مني ...

لم ينتهي ذاك اليوم حتى وجدت خيرا كثيرا حيثما ذهبت وكلي يقين أن كان هناك أكثر من ذلك ولكني له ما إنتبهت

وسألت ربي أن ينعم علي بنعمة إدراك النعم... فشكر النعمة نعمة نعجز عن شكرها 


شكرا لك  

أكمل قراءة الموضوع...

الثلاثاء، 8 مايو 2018

اليوم يا أحبابي سأحكي لكم قصة...

By 10:02 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


اليوم يا أحبابي بنحكييلكم قصة حلوووة حتحبوها ، فهلل التلاميذ وإستبشروا أن الحصة اليوم لن تكون مملة بالنقل من كتابة المعلمة عن السبورة لينتهي الوقت قبل أن يكمل أي منهم ما كتبته... وما أن رأت المعلمة علامات الفرحة على وجوههم... أخذت كرسيها وجلست والكل منتبه منصت في إنتظار القصة... وفي ذهنها تحاول تصوير القصة حتى تبسطها لهم ليفهموا المغزى منها ولا تحكيها لهم بإسلوب أكبر من أعمارهم... فأخذت تعابير وجهها في التغير والتبدل، وعينها في الكبر والصغر بالتحديق والإغماض، ويديها في الحركة بوصف الأحجام والأماكن وهي تحكي قصتها... 

كان يا ما كان في قديم الزمان... قبيلة كبيييرة من النمل تعيش في وسط الغابة الكبييييرة ، و كان عددهم كبييير جدا بالتأكيد تعرفون النمل وأعداده الكبيرة،  تعمل وتجد طوال اليوم... عمالها يجمعون كل طعام يجدونه في طريقهم، وأي طعام يخبرهم به النمل الكشاف، تعرفون أن هناك نمل كشاف يخرج ليستكشف الطعام ثم يعود ليخبر العمال ليتم جلبه وتخزينه كما كان هناك نمل حراسة ونمل رعاية منزلية وكل الوظائف، وكان من بين النمل نملة نشيييطة جدا وتحب العمل، هي أول من يفيق نهارا وآخر من ينام ليلا، وهي من يحث الجميع على النشاط والعمل... وفي يوم من الأيام تصادف لقاء النملة النشطة بنملة متكئة على جانب الطريق تركت العمل ولا تفعل شيئا... ووجه المعلمة يرسم علامات الإستغراب وتغير صوتها وهي تقول... لماذا لا تعملي أيتها النملة؟ ماذا هناك هل أنت بخير؟ 
لترد النملة بإهمال بالغ وكسل واضح، لا حاجة لي بالعمل فالطعام موجود في كل مكان ولست بحاجة لتخزينه كما تفعلون، أنتم تضيعون وقتكم فقط، وأنا أفضل أن أستغل وقتي في الإستجمام والإستمتاع بالحياة، ألا تري أن الحياة جميلة وتستحق أن نعيشها متعة بعيدا عن العمل والشقاء طوال اليوم ألم تملوا؟
فردت عليها النملة النشطة قائلة، ولكن هذا الطقس لن يستمر طويلا وسيأتي الشتاء ولن نستطيع الخروج عندما تهطل الأمطاااار وسيصاب الجميع بالجوع ولن نستطيع العيش إن كنا سنفعل ما تفعليه أنت... 
أفاق من نومه أحد التلاميذ عندما ضحكت المعلمة ممثلة ضحكة النملة الكسولة وهي تقول... إفعلي ما شئتي ولكنني واثقة من نفسي وأعرف ما أفعله ويكفيني ما أحصل عليه من راحة ولعب أنت محرومة منه... وأنصحكن قالت مخاطبة للنملات الأخريات أن لا تضيعن وقتكن وتعالين نتسلى فالحياة فيها أكثر من العمل والبقاء طوال الوقت بين الحفر و الدهاليز... فما كان من بعض النملات إلا أن نظرن لبعضهن البعض وإخترن اللحاق بها هربا من العمل وهربا من الالتزامات والمسؤولية التي كانت على كاهلهن... فأخذت النملة النشيطة تحاول منعهن وتخبرهن أن يبقين يدا واحدة وأن قوتهن في إجتماعهن وأن تفرقهن سيسبب في كارثة كبيرة للقبيلة كلها ولن ينجوا أحد، لابد أن تتوحد جهودنا... وأخذت ترجوهن وترجوهن ولكن كان العدد في تزايد لمن ذهبن للتسلية وترك العمل... 
لاحظت المعلمة أن الملل دب في أعين تلاميذها فأخذت تنهي القصة بسرعة وتختصر حتى قالت...
وفي يوم من الأيام، غابت الشمس بين السحب وأصبحت السماء رمادية وأضاءت السماء بالبرق وسمع صوت الرعوود بوووم... وهطلت الأمطار فإكتشفت النملة الكسولة ومن معها أن النملة النشطة كانت على حق وأن الوقت فات وأنه ما كان يجب أن تتفرق كلمتهم وكان يجب أن يبقوا مع بعض ويعينوا بعضهم البعض حتى ينجوا جميعا...
لم تجد المعلمة أي حماسة من تلاميذها فتوقفت عن الحديث وقالت ما رأيكم في القصة يا تلاميذي الحلوييييين؟
ولكن وكأن التلاميذ كانوا في فترة قيلولة لم تصدر عنهم أي ردة فعل مما أصاب المعلمة بشيء من الإحباط، حتى رفع أحدهم يده مستأذنا المعلمة بقول كلمة... فأشارت إليه أن يقف ليقول ما يريد... فإلتفت له الطلبة بكسل وملل بالغين... 


وقف التلميذ هندم نفسه نظر مباشرة للمعلمة ثم إلتفت للتلاميذ وقال ... قصد المعلمة أن تقول يا أصدقائي وزملائي الطلبة ، أن من جد وجد و من زرع حصد وأن الله أمرنا بأن نعتصم بحبل الله جميعا ولا نتفرق وإن تفرقنا فإننا سنضعف وسيسهل النيل منا...

عندها صاح الفصل ، ايوا هو هكي الكلام ما كان قلتي من الأول يا أبلة هكي فهمنا مزبوط ، لكن كبيييرة و حلوووة هذا إسلوب متع بيبيات نحن ثانية إبتدائي راهو مش صغار ... 


شكراً...
أكمل قراءة الموضوع...

الاثنين، 7 مايو 2018

حفل التخرج...

By 11:14 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته



على السرير ممد أخذته عنهم بعيدا غيبوبة، ورأسه بالجبس معصوبة... أنابيب تخرج من فمه ممتدة إلى أجهزة إنعاش والساق معلقة في الجبس مغروسة، واليد في مستواها أيضا معلقة محبوسة... لا يبدو منها إلا أصابع لا تتحرك ولكنها بما ألم به لم تتأثر... والصمت في الغرفة إلا من صوت طنين الآت النبض ، وأمام الباب يقف صديق العمر في أسى متحسرا على ما آل إليه حاله وإحساس الذنب يثقله.
لم يستطع مواجهة نظرات أم جالسة بجانب إبنها والدمع جمر من عينها يتهاطل... باقة الورد بجانب السرير لم تغني عنه شيئا ولم تفد...
إلتفت عائدا والدنيا تبدو حملا ثقيلا على كاهله ولا يدري ما الذي أوصلهم لهذا الحال ... وإذا به يلتقي والد صديقه عند المخرج وقد عرفه، صديق إبنه الذي يرقد على الفراش بين الحياة والموت ... شعر بأنه صغير جدا أمامه ولم يستطع حتى النطق بشيء وماكان من الوالد إلا أن إستمر في طريقه والصمت يلفه بأسى...
صعد السيارة وكان أصدقائه في إنتظاره...
فقال أحدهم : طمنا إن شاء الله خير كيف حاله توة؟
وكذا إنحنى الآخر من الكرسي الخلفي متسائلا ، طمنا شن صار ...
رمقهم بنظرات جارحة حزينة ولكنه لم يقل شيئا ... وأنطلق يقود السيارة نحو الكلية ... وما أن ركن ونزل الجميع منها حتى وجدوا بقية الأصدقاء في الإنتظار لمعرفة حال زميلهم ووضعه ، فتجمع جمع منهم حولهم يسألون...
شن صار؟ طمنا؟ وين في أي مستشفى راقد؟
سألوا الجميع ولكنهم لم يجدوا أي رد فتوجهوا له مباشرة  فوقف وقال
باهي توة عاجبكم شن درنا في الراجل توة هكي؟ معقولة مستقبل الولد ضيعتوه؟ وعلى خاطر شني؟
غير إستهدي بالله تقدم منه أحدهم قائلا، إستهدي بالله تعال طمنا شن صار معه ما تخلعنا توة تقول ضيعتوا مستقبله مش ناقصين رعايش حني...
تي شن شن صار معه الراجل هونا ملوح في المستشفى مجبس راسه ورجليه ويديه وما يندري على الدنيا وين ، تي والله كان شفت أمه ولا بوه الي ما قدرت نرفع عيني فيه وتمنيت الدنيا بلعتني لما تلاقيت معه في الباب
لالا قصدك تلاقيت مع بوه؟ شن قالك بالله؟
شن بيقولي بالله عليك ، يوم جاي بيفرح بولده نرقدوهوله في المستشفى؟ و على خاطر شني؟
فإذا بأحدهم يقفز من مكانه معارضا معترضا غير مبال بما يحدث وما يقال ، تي بالله فكنا من الجو توة ما تكبرش الموضوع الي يسمعك يقول فجرناه بعبوة ناسفة ولا رميناه بأربيجي ... كلها كلها نبو نفرحوا بيه زيه زي غيره شن فيها يعني كان صحابك فرحوا بيك؟
تفرح بيا ترقدني في المستشفى؟ هكي الفرح هو؟ تي شن تقول أنت بعقلك ولا!.
بعقلي امالا شنو وزيه زي غيره وكان تبي الحق هو إلي دار الجو وما خلاها تمشي زي الناس الثانية هونا كلها فرحت وتخرجت وما صار شي وكل واحد كلا ما كتب ربي وجوه مليح وما قعدوله منها إلا الصور والذكريات المليحة ، تي فكونا من جو الحنية متعكم وعيشوا حياتكم مش أول ولا أخر واحد...
تي بعقلك أنت ولا واخذ حاجة؟ تي الي صار هذا لا قال به العقل ولا قال به الدين ، أنت عارف النبي عليه الصلاة والسلام شن قال على حاجات زي هذه ولا؟ أكيد تعرف ولا نذكرك؟
ايح اطلعلي فيها شيخ توة ... هي بالله أنستو بعض الدوة معكم غير زايدة انتو حتى الجو المليح بتخششو فيه الدين بطلعلهولي حرام توة ...
أكمل جملته وإنصرف ملوحا بيديه غير راض عن مجرى الحديث دون أن يلتفت وهو يتمتم . قلبوهالي دراما توة الناس من يومها ادير في الجو وتستمتع به كل حاجة فيها جو بيطلعوهالي حرام تي فكني منك بالله أنت وياه ... وتبعه بعض الحاضرين أيضا موافقينه فيما قال ...
إقترب أحدهم متسائلا ، توة قلت النبي تكلم على الحاجات هذه نورنا بالله عليك ، الحق ما عندي فكرة أنا نشوف في الجماعة كلهم الي يتخرج يوتوله في طبخته زيه زي غيره وهذه طقوس التخرج بصراحة من يوم خشيت الجامعة وأنا نشوف فيهم يديروا فيها أنت بس توة طلعت قلت شن قال عليها النبي قولي شن قال
ايه توة دير روحك ما تعرفش امالا تقرا في الكلية ومازالك سيمستر واحد و تتخرج شن قاعد ادير؟
والله الكلية ما يقروش فينا شن قال الرسول ولا شن قال ربي ...
ماهو الحاجات هذه بدور عليها بروحك ما تراجيهم يقروهالك في الجامعة وكان أنت ما تعرفش أهو نقولك إن أهم قاعدة فقهية من قواعد الإسلام تقول لا ضرر ولا ضرار
وشن تطلع هذه لا ضرر لا ضرار ، ضرر نعرفه إنك تضرر يعني تتسبب لك في ضرر ولا
لا ضرر ولا ضرار هي قاعدة من أصول الفقه وهي في حديث للنبي يقول فيه (ما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار.) 
يعني بالفلاقي  لا تضر نفسك ولا تضر غيرك ، وأي حاجة فيها ضرر لك ولا ضرر لغيرك يعني تجنبها وما تجي جيهتها مهما كانت و الحمد لله ديننا دين جلب مصلحة وإبعاد المفسدة...
نحس فيك بديت تتكلم زي الشيوخ بجديات ، قال له ممازحا ... وهو يضحك
و الله إلا حالة جديات راه ، أنت لو شفته كيف راقد على السرير ومكسر وفي غيبوبة وأنت تعرف علاش صار فيه هكي؟ مش يوجعك بالله عليك؟ قال وهو يحدق في عينيه... منتظرا منه إجابة...
والله الحق يا سمير يوجع هي الواحد كان بيفرح بتخرجه ومناقش مشروعه ومتكم رويحته يطلع منها تقول كلب من كلاب الرابش مخلطة عليه زيت على دحي على تراب ماناقصه إلا الجرب ويولي كلب رابش جديات مش خريج فرحان بتكميل قرايته وبيستقبل الحياة قدامه... تي حشمة حتى قدام عويلته والله ، إمالا بنات القسم الي يتفرجوا فرحانات...
فتدخل أحد الأصدقاء وقال تبو الحق يا ولاد و الله إلا موضوع أبصر كيف راه إلي صار مش في الحسبان بكل من قال خونا وصاحبنا توة بين الحياة والموت وحني واخذينها لعب وضحك، وهذا غير كلنا نعرفو أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده على قولتك ، والحق أنا لحقت عليه بكم ضربة على عنفقته وروحت لكن ببجديات مش عارف كيف ... قالها بضحكة ممزوجة بحزن
المشكلة توة هذا الي مقتنع أنه جو مليح وأنه ما يبي يفهم ، والله كان يقدر حد ياخذ يرفعه يشوفه ملوح على الفراش في المستشفى ويعرف شن معناها انك تلعب اللعبة هذه ...  
ايح ما إقتنع الا هو ربي يستر والله الأسبوع الجاي قالوا في مشروع تخرج كان ما يصير معه العملة نفسها...

بعد بعض أشهر من تلك الحادثة...

على السرير ممد ، رأسه معصوبة والعين محلقة بهالة بنفسجية غامقة  وأنابيب تخرج من يده وكيس الدم معلق والساق معلقة في الجبس مغروسة واليد في مستواها معلقة مكسورة ... لا يبدو منها إلا أصابع لم تتأثر... بما ألم به والصمت في الغرفة ، وبجانب السرير يجلس ذات الصديق محاولا مواساته بما أصابه بسبب إحتفال أصدقائه بتخرجه كما أصر هو على الإحتفال بتخرجهم ولم يستمع لصوت العقل والنصيحة وتركهم مغاضبا، وها هو الآن يردد ... بصوت خافت... أي والله صدق رسول الله ، لا ضرر ولا ضرار ... لا ضرر ولا ضرار ... نزلت دمعة من عينه وهو مازال يردد لا ضرر ولا ضرار ... رفع إصبعه وقال لا إله إلا الله محمدا رسول الله .. لا ضرر ولا ضرار ... 


شكراً...

أكمل قراءة الموضوع...

الجمعة، 30 مارس 2018

ثقافة وحضارة مع صورة جمالية...

By 10:53 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


وضع ساقا على ساق وإتكأ على كرسيه ملتفتا بشقه الأيمن لصديقه قائلا وهو يرشف رشفة من فنجان قهوته المسائية المعطرة بماء الزهر... هل أنت مرتاح في حياتك مع زوجتك وأولادك؟ ، مستغربا في سؤاله قال، بالتأكيد حياتنا هادئة هانئة ولا نشتكي من شيء، ولكن لما السؤال؟ 
لا لشيء قال وهو ينفض يديه وينظر حوله بعد أن أعاد فنجانه مكانه ، ولكن تبدو حياتكم كئيبة رتيبة ليس فيها إثارة وكأنكم تعيشون في القرن الماضي أو الذي قبله، حتى ملابسك تبدو عتيقة لا تتماشى مع مكانتك بين الناس... زوجتك لا يبدو عليها السعادة ولا أولادك يبدو أنهم يعيشون حياتهم كما بقية أقرانهم... لا أرى تحضرا ولا يظهر أنكم تهتمون بأنفسكم أمام الناس، بل تعيشون حياة الفقر وعذرا في هذا الوصف ولكن تعيشون حياة التخلف عن البقية... 

وما الذي دعاك لقول ذلك يا ترى؟ قال مرتبكا محاولا إيجاد رد على كل ما علق به، وهو يمرر شريط ما يعرف من حياة صديقه أمامه متذكرا سيارته الفارهة التي يملك هو ثمنها وثمن أفضل منها، وتذكر زوجته الأنيقة الفاتنة وكيف تلفت إنتباه كل من تمر بجانبه ، وإبنته الزهرة المتفتحة الجميلة وكيف تبدو متحررة ونشطة تعيش يومها ، كما تذكر بيته العصري المليء بالتحف والغرف الفسيحة والإلكترونيات ، حتى أنه لديه مصعد في بيته وثلاجته ببابين كبيرين يمكنك حتى أخذ ماء بارد دون فتحها... وذاك المساعد الألي الذي تحدثه فينفذ طلباتك... وحديقتهم الخضراء التي لا تشبه حديقته... ناظرا إلى نفسه مقارنا نفسه به، وهو يسمع في نفسه أنه لا يعيش كما يجب، أنه ليس متحضرا ولا يعيش حاضره فعلا، وقد رنت كلمات صديقه في أذنه...

فقال صديقه ، أنا أعرفك جيدا أنت إنسان لا ينقصك المال وبيتك أكبر من بيتي ولديك من الإمكانيات أضعاف ما لدي، وإبنك في رعيان شبابه، ولديك زوجة جميلة ولكنها تبدو عتيقة المظهر كمن خرجت للتوة من مسلسل قديم، وإبنتك التي لن يلتفت لها أحد مادامت على ما هي عليه... الحياة فيها الكثير يا رجل إستفد مما لديك من مال، إستثمره في تطوير نفسك وتحسين جودة حياتك وكلي أكيد أنك تملك المال الكافي لذلك وأكثر، ولكنك تحتاج فقط لبعض الجرأة لكي تخرج من قوقعتك، وتغير من صورتك أمام الناس وتزيد حياتك حياة... وتطور من نفسك من أسرتك... يمكنك ذلك...
كانت كلمات صديقه ترن في عقله كما لو كان طنين جرس ضخم له ترددات يهتز لها جسده كاملا وترتعد بها أطرافه... وحساباته تجري بأرقام ومقاسات وأبعاد... أخذ رشفة من كوبه وربت على يد صديقه وقال... أراك لاحقا... 
إلى أين أنت ذاهب لم تكمل قهوتك بعد... 
رفع يده محييا له دون أن ينطق بشيء ... أخذ سيارته وإلى بيته إتجه... 

بعد بعض أشهر من تلك الجلسة... وصلت بطاقة دعوة مغلفة تغليفا راقيا أنيقا، قال الرجل لزوجته... ما رأيك هل نذهب؟ 
نذهب لمن؟ لا لن أذهب فلقائهم ممل وزيارتهم تغمر القلب بالحزن وكأننا نذهب إلى مأتم، لن أذهب... وإن بدت البطاقة راقية جدا وأنيقة، شككت أنها تكون منهم ، هل أنت متأكد أنها من صديقك ذاك؟
نعم... هي منه والدعوة لنا معا... لا أعرف سببها ولكنه يدعونا لحفل عشاء يقيمه في بيته، ولم يذكر فيه مناسبة...
وما يمكن أن تكون المناسبة يا ترى؟ أشك في أن هناك شيئا يستحق أن أجهز نفسي وأتعب لأراه...
لا أعرف، ولكن آخر مرة إلتقيته كنت صريحا معه وأخبرته عن حاله وأنه يعيش حياة كئيبة رتيبة... قاطعته زوجته قائلة... ويحك أحقا فعلت هكذا مباشرة أخبرته بذلك؟ لا يمكن أن تفعل!  
بلى فعلت ، وأذكر أنه حينها أخذ بعضه وإنصرف ولم نكمل الحوار، وكنت فقط أريد أن أراه بحال أفضل من هذا التزمت الذي هو فيه... 
لا أعرف كيف أتتك الجرأة ولكن يبدو أن تأثير كلامك معه أتى بنتيجة... إن كان الأمر كذلك، لابد أن أذهب لنرى ما حل بهم...
حسنا... نذهب... هل نأخذ لهم هدية؟؟ 
بالتأكيد سأتكفل أنا بذلك لا عليك أنت... 

عندما وصل الرجل وزوجته أمام سور منزل صديقه... قال لزوجته... هل لاحظتي كيف تغير السور ولونه وحتى أنه قصر وأصبح فيه فتحات أنيقة ، يكاد يكون البيت بلا سور؟ يبدو أن هناك تغييرات طرأت... الإضاءة في البيت تبدو مختلفة تماما ، فأكملت زوجته قائلة... متأكد أنه بيتهم؟ لا يبدو كما كان، فهذا بيت بطراز عصري أنيق جدا... 
بالتأكيد متأكد وفعلا كانه ليس هو... 

فتح الباب ليدخل وزوجته لتستقبلهم حديقة خضراء يكسوها العشب،  والإنارة في كل مكان مخفية تعكس ضلال الشجيرات وجلسة أنيقة بمظلة وسط الخضرة ، ورائحة الياسمين والفل تنعش الروح... وصديقه مرحبا بكامل أناقته مرتديا بدلة من طراز راقي بربطة عنق زهرية والإبتسامة تعلوه ... ومن خلفه أتت زوجته تسير ببطء وهي تطلق أمامها إبتسامة عريضة ترحب بالضيوف ، والرجل وزوجته ينظران لبعضهما البعض والزوجة لا تقدر على إغلاق فمها مما تراه ، فقد كانت تستقبلهم صاحبة البيت بلباس أحمر قصير مكشوف الكتف وبدت كأنها شابة في السابعة عشرة بتصفيفة شعرها المميزة جدا، وإبنتهم ذات السبعة عشر عاما تقدمت هي أيضا وإنحنت بهدوء محيية الزوجين وهي ترتدي بنطولنا ضيقا ، وقميص قصير يظهر شيئا من بطنها وكتفها أيضا مكشوفة وشعرها الطويل متدلي حتى خصرها... إنحت الزوجة إلى زوجها... لولا أني متأكدة أنهم هم لقلت أننا في زيارة لأوروبا ولسنا عند صديقك الذي أعرفه... لا أفهم شيئا... ولكن هل رأيتي كيف يمكن لأحدهم أن يغير من نفسه ويتطور، يبدو أننا بحاجة للتغير نحن أيضا... قال ممازحا...

جلس الجميع في صالة الإستقبال الفاخرة التي تم تحديثها مؤخرا وكانت من الفخامة لدرجة أنك تستطيع رؤية وجهك في الأرضية لشدة لمعانها ، وكل تلك الخطوط الدقيقة والتفاصيل الجميلة... والثريا المعلقة تتلألأ أضواءها تنعكس على الخيوط الذهبية المحددة للسقف تزيد الجلسة بهاء... إقتربت الخادمة التي ترتدي زيا أنيقا فاخرا جدا... وقالت بهدوء... العشاء جاهز تفضلوا... 
قام الجميع إلى مائدة طعام طويلة بكراسي ملكية وقد غاب عقل الضيفة في أطقم الطعام والملاعق والأكواب... وقلبها يكاد يذوب في كل تلك التفاصيل التي إكتملت بوجبة عشاء وخدمات كأنها فندق سبعة نجوم... 

خرج الجميع للجلوس في الحديقة تحت المظلة وكانت الجلسة معدة متكأ والفاكهة والمكسرات مجهزة، والزوجة تقول لزوجها... وكأننا في حلم... لا أصدق ما يحدث مازلت...
جلس الجميع وأخذ الزوجين يتحدثان ويتجاذبا أطراف الحديث، لتدخل صاحبة البيت وإبنتها بعد إشارة من زوجها... لتطفأ أنوار الحديقة ومن ثم تضاء بقعة أمامهم بألوان مختلفة تتراقص... ويسمع صوت لحن موسيقي يأتي من محيط الجلسة، ليتحول اللحن الهادئ تدريجيا إلى لحن شرقي بالعود والطبل... ليفاجأ الضيفان بخروج المضيفة وإبنتها في زي رقص شرقي وأخذن يرقصن رقصا شرقيا منظما ومنسقا وكأن هناك مدرب خاص دربهن، وقف الضيف على إثره وأخذ يصفق بحرارة وزوجته تنظر مشدوهة غير مستوعبة لما يجري وهي تجاري زوجها في التصفيق... وصاحب البيت يجلس مزهوا في طرب وفرحة أنه حقق تطورا وتحضرا وصورة جمالية فاقت توقعات صديقه...

شكراً...
أكمل قراءة الموضوع...

السبت، 17 مارس 2018

الإعتصام...

By 10:20 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




إستغرب عميد القرية عندما أفاق مفتقدا بعض الأصوات التي إعتاد سماعها عند إستفاقته كل يوم حتى أنه شك في أن يكون قد فقد السمع، قفز من فراشه عن النافذة أزاح الستار، ليلقي بنظره خارجا، لتؤكد عينيه أن سمعه بخير ، فليس ثمة ما سيصدر الأصوات وليس ثمة قطيع ولا راعٍ يقوده إلى مرعاه ... 
نادى على زوجته قائلا... هل مر الراعي مبكرا اليوم على غير عادة؟ 
لتقول قبل أن تجيبه ، إفطارك جاهز ، نعم؟ قالت متسائلة ، لا لم يمر أحد لابد أنه في الطريق الآن ، ليس من عادته أن يتأخر... هيا قبل أن تتأخر أنت على عملك...
لابد أن هناك خطب ما ، فلم أسمع ولا أرى أثرا للراعي والأغنام اليوم، سأمر عليه لعله يشتكي مرضا ويحتاج من يلازمه ويساعده... 

كانت الخراف في حظائرها في كل بيت ، كان من المفترض أن يمر عليه الراعي ويخرجها معه إلى المرعى... وأهالي القرية يتساءلون عنه وما الخطب وكيف سيتصرفون وأغنامهم تحتاج للرعي ، وكيف سنطعمها الآن!!... هل سيتبرع أحد بأخذ مكان الراعي ، هل سأترك عملي وأتفرغ لرعي الأغنام الآن؟ تعالت الأصوات والتساؤلات وقد أخرج كل منهم أغنامه وتبع عميد القرية الذي كان يلقي بالسلام ويقول لكل من قابله... أنا ذاهب لتفقده لعله أصيب بمرض ما أو أصابه مكروه، لا ندري... 
وما أن وصل الجميع إلى بيت الراعي عند آخر القرية حتى وجدوه جالسا على كرسيه وكلبه مددا بجانبه وأغنامه هو أيضا في حظيرتها... 
فسأله عميد القرية قائلا... خيرا إن شاء الله لا تبدو مريضا أو بك سوء هل من خطب ما منعك اليوم من الذهاب بالأغنام إلى المرعى كعادتك؟
فقال الراعي بهدوء تام ، لن أذهب إلى المرعى بعد اليوم وليذهب كل منكم بغنمه بنفسه...
تعالت الأصوات بالتساؤلات ، كيف تقول ذلك وأنت تعرف أننا لدينا أعمال نحتاجها جميعا وتحتاج منها أنت أيضا، ومن يعرف المرعى أكثر منك ، نحن لا نجيد التعامل مع الأغنام كما تفعل أنت... وهل سأترك زوجي المريض وأخرج بالأغنام لوحدي؟ ... وماذا عن أحوال القرية أنتركها لأجل رعي أغنامنا؟ 
رفع يده ليصمت الجميع ... وقال ... إن كنتم ترون أهمية عملي وضرورته لإستمرار أعمالكم... لماذا تبخسونني حقي وأجرتي إذا؟ رضيت بالأجرة المتدنية لسنين ولكن ليس بعد الآن...
دهش الجميع مما قاله وإلتفتوا إلى عميد القرية منتظرين رده على ما قال الراعي... 
فقال عميد القرية دون أن يلتفت إليهم ... أهذا كل ما في الأمر؟ ألم نعدك بأننا سنزيد في أجرتك وعقد الإتفاق!؟ 
وعدتم نعم ولكن هل زادت الأجرة؟ لا لم تزد ولم تتغير ظروف العمل وأرى أنك زدت نعجة جديدة مشيرا إلى أحد الحاضرين وهذا لم يكن إتفاقنا ، أنتم لا تدرون ماهي ظروف العمل عندما تكون مسؤلا عن القطيع كله هناك في البرية ومحاولة البحث عن مرعى أفضل ، من أجل من؟ إليس من أجل خرافكم؟ ورغم أنني أعجز عن توفير أساسيات حياتي بما تعطونني من أجر، إلا أنني أعمل دون توقف وأبذل جهدي كاملا ، فقاطعه العميد قائلا ، ولكننا إتفقنا على زيادة الأجر ... وأنت وافقت ولم تعترض حينها...
نعم إتفقنا ولكن أين هي الزيادة؟ لم أرى شيئا ، ولن أعود للعمل حتى أرى ما سيكون أجري...

إلتفت عميد القرية لأهالي القرية المتجمعين خلفه وإحلولقوا وأخذوا يتهامسون ، والراعي يناظرهم من بعيد يحاول جمع طاقته وخبرته كلها في أذنه حتى يسمع ما يتهامسون به ، وهو يرى علامات التعجب والإعتراض والتصبير والموافقة والإنزعاج تتناقل بين وجوه المتحلقين... ولكنه لم يستطع الخلاص إلى نتيجة حتى ، إنفضت الحلقة وإقترب العميد منه وخلفه أهل القرية وقال ، حسنا إتفقنا على زيادة أجرتك بما طلبت دون تأخير ، ولكن شرطنا أن لا يحدث هذا الأمر مجددا ، وأن لا ينقطع المرعى عن خرافنا مهما حدث ، أراد الراعي المقاطعة ولكن العميد أوقفه وقال ، إلا إذا كانت هناك ظروف قاهرة جدا كالبرد والمطر ... فصمت الراعي وشعر بإرتياح لقبول أهل القرية وهو يقول في نفسه ، خيرا فعلت أن أوقفت العمل حتى إنصاعوا لما أريد... وكان يجدر بهم أن يزيدوا الأجر دون اللجوء إلى تعطيل أعمالهم ومضيعة الوقت على خرافهم أيضا...
صاح أحد أهل القرية ، إليك الخراف إذا ولنعد لأعمالنا... الوقت مازال مناسبا للخروج ، وقد وفرنا عليك جمعها جميعا وهي عندك الآن... 

عاد أهل القرية أدراجهم وهم يتحاورون عن ما حدث وكيف أنه فرض عليهم أن يزيدوا أجره ، وكان بعضهم مرتاحا لأنهم وجدوا الحل وأنه سيأخذ خرافهم إلى المرعى ، ليعود كل منهم لنمط يومه المعتاد... وهم يرون الراعي يسير بالقطيع نحو المرعى... فشعروا بإرتياح أن المياه عادت لمجراها ... وشكروا عميد القرية على حكمته وقراره ... وقد إقترح أحدهم أن يقيم له إحتفالا لهذا النجاح... ولكن البعض الآخر إعترض لإنشغاله وإن كان عميد القرية أهل لذلك وأكثر... 

بذات الإستغراب وزيادة أفاق عميد القرية وهو ينتظر سماع صوت القطيع وأجراسه ولكنه إفتقده... فوقف أمام النافذة ولكنه لم يرى قطيعا ولا راعيا ولا لهم أثر في الطريق قادمين أو مارين ... فخرج قاصدا بيت الراعي ، ليجد أن خرافه ليست في مكانها ، وكذا وجد أهل القرية كل يفقتد خرافه ليرافق عميد القرية إلى بيت الراعي أيضا ... حتى وصل الجمع ليرى مشهدا غريبا أوقفهم مكانهم...

فقد كانت كل خرافهم مجتمعة في ساحة الراعي والراعي وكلبه يحاولان حثهم على الخروج ، ولكن بدا وكأن الخراف متحلقة بينها وبين بعض وتناقش أمرا مهما ، أو هكذا بدا للجميع... وما أن رأى الراعي الجميع أتاهم كمن يطلب النجدة... 
تعالوا لينظر كل منكم لخرافه إنهم يرفضون الخروج إلى المرعى ويرفضون التحرك من مكانهم رغم كل ما فعلت... 

فسأله أحدهم وكيف إجتمعوا؟ 

فقال الراعي لا أدري أفقت كالعادة لأجمع الخراف من حظائركم... وجدتهم جميعا على هذه الحالة ، ولكنني عندما أردت قيادتهم كما العادة رفض القطيع التحرك أو الإستجابة لكل محاولاتي لحثهم على التحرك ، حتى أن الكلب عجز وتأخر هو أيضا ... 

سيطر الإستغراب على الجميع... وكل منهم ينظر إلى خرافه ليتأكد أنها متواجدة ومحاولا فهم ما يجري... وإذا بالجميع يقفون مشدوهين لتقدم خروف دونا عن البقية ، ليقف أمامهم جميعا... كمن يريد إلقاء كلمة...

فإستدار الراعي ووقف مع أهل القرية بجانب عميدها... وهو ينظر مستغربا كالبقية... حتى قال الخروف...

لن نخرج بعد اليوم إلى المرعى مع هذا الراعي الكسول الذي لا يؤدي واجبه ولا يقوم بما يقوم به إلا طمعا فيما تعطوه من أجر، فإن كنتم تريدون أن نرعى ونسمن ونعطيكم حليبنا ولحمنا وصوفنا ، فإننا نطالب بمعاقبة هذا الراعي لأنه لا يأخذنا إلى المراعي الصالحة للأكل، بل يتحجج ببعدها وبالتعب وبثقل المسئولية وكثرة المهام ويمضي يومه في أرض قاحلة لا تحمل إلا القليل من العشب الذي نجد أنفسنا مضطرين لتقاسمه حتى نستطيع الإستمرار فيما نفعله لتجدوا فينا شيئا من اللحم عند الحاجة أو بعض الحليب ، ولكن ليس بعد اليوم، إما ان تأتونا براعٍ يخاف الله ويؤدي واجبه على أكمل وجه أو أننا لن نخرج إلى المرعى أبدا وسنعتصم ونضرب عن الطعام... ولتبحثوا لأنفسكم عن قطيع جديد لا يكون مثلنا... 


شكراً...



أكمل قراءة الموضوع...