بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الأحد، 26 يوليو 2015

من خلف الزجاج ...

By 11:35 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



توقفت حافلة … صعد إليها ببطء و هدوء … أخذ طريقه إلى أقرب مقعد و جلس …
ضم كفيه لبعضهما ، وضع يده بين ركبتيه ، التفت إلى الشارع يشاهد العالم من خلف زجاج الحافلة الذي يستقبل نثرات السماء …
إرتسمت صورته منعكسة على الزجاج ، ثابتة لا تتحرك … و كأن العين أيضا من زجاج ثابت لا يخفي خلفه شيئاً … فراغ في نفسه منطلق بتلك النظرات … على ذاك الزجاج من عينيه انعكس …
يراقب الطريق … و جهاز تقوية السمع باذنه معلق ... و يبدو عليه أنه شيئاً لا يسمع ... حرّك رأسه ليلتفت إلى طفلة تقف على ناصية الطريق … بدا على ملامحه و إنكسار عينيه … أنه يفتقد كل تلك الأصوات التي كان في شبابه يعدها من الإزعاج و يصيح ليسكتها … 
صوت أبواق السيارات و أصوات الموسيقى منها ترتفع … صوت لمسات المطر على الزجاج … تناثر مياه المطر المتجمعة في حفر الطريق عند مرور العجلات منها … صوت ضحكات طفلة … صوت صديق إلى جانبه كثير الكلام … 

كشيء بداخله إنكسر منذ مدة … وهو يحاول ترميمه … ولكنه بدا عن ذلك عاجزاً … بدا يوشك على الإستسلام … و عدم القدرة على الإستمرار في بذل جهد أكثر … ولكنه لم يتوقف عن مشاهدة ما يمر من الطريق … و عينه تشابه الزجاج الذي تنعكس عليه … في جمودها …

شيء ما إنكسر بداخله … لم يستطع أن يخفيه … شيء ما أبدى تحسره على ما ضيع من أيام شبابه … وكأنه يبحث عن لحظات … يستطيع إعادة عيشها فيما كان يعيشه … و إنكسار الزمن على كتفيه واضح …

شباب في الطريق يمرحون رآهم  … رفع يده كأنه يريد أن يناديهم ليقول لهم شيئاً … و كأنه أراد أن يخبرهم … أن لا يكونوا مثله ... فيما أمضاه من عمر ...

وقف ببطء…وعينه لا تكاد تتحرك أو يرتخي لها طرف …  ليغادر الحافلة … و ينزل …في محطة بدت كأنها الآخيرة ...



شكراً…
أكمل قراءة الموضوع...

الأربعاء، 15 يوليو 2015

المتبقي ...

By 2:26 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



فزعاً يقلب بيده حول فراشه ... ظلمة لا يكاد يرى شيئاً ... 
وجده ... 
مثقلاً إلتفت إلى الهاتف بيده ليعرف التوقيت ويرى إن كان هناك أي مكالمات فائتة ...
لم يكن هناك أي إتصالات أو رسائل ...
سحبت الوسادة رأسه إليها ... ليتسرب دفء أنفاسه بينهما …

تصارعت الأفكار في ذهنه ... حتى خطفه النوم  مجدداً 

نهض فزعاً مراقباً الساعة… الهاتف؟
لا إتصالات... لا رسائل ...

البطارية !… تكاد تنفذ ... لم يكتمل شحنها ...

لا كهرباء... ليس هذا وقت إنقطاعها ... ستنفذ البطارية  ...

مسرعاً خرج من غرفته يبحث عن هاتف ليجري الإتصال … لا أحد بالبيت ، ذهب الجميع ... 
رفع سماعة الهاتف الأرضي ... إتصل بالرقم ... سمع صوت صفارة ... و معها كلمات ... هاتفكم مقفل يرجى تسديد الديون المستحقة … أعاد السماعة لمكانها … 

جهز نفسه ... أخذ هاتفه وصوت صفير إنتهاء البطارية يطلق آخره ويغلق…

التفت حوله ... هل من يعرفه ليعيره هاتف لإجراء الإتصال؟

لا أحد ... لا كهرباء ... حر شديد ...

يده في جيبه أدخلها ... ليجد قطع معدنية ... 

و قف مفكراً في أقرب مكان به هاتف عمومي ...

إتجه يميناً يسرع الخطى ... حتى وصل إلى حيث هاتف عمومي معلق في صندوقه ...

رفع السماعة ... لا حرارة ... لا يعمل ...

ألقاه من يده و إنصرف … بات ينظر إلى المارة لعله يتوسم في أحدهم الخير ليعطيه بعضا مما لديه من رصيد ليجري المكالمة …
أين أذهب … أريد أن أشحن هاتفي ، و إن شحنت … ليس لدي رصيد كاف … و لم تصلني أي رسالة أو إتصال …
كيف أتصرف … ما الذي أفعله … 

أخذ يمشي مسرعاً … يلتفت يمينا … يساراً … يتوسم كل من مر بجانبه … و لكن لا أحد إستلطف طلبه …

جلس عند ناصية أحد الشوارع … يفكر … لم يستطع الإستمرار في الجلوس … نهض واقفاً … تذكر صديق له … لديه محل من هنا قريب … أخذ يركض … و يركض … حتى أحس بمغص في جانبه الأيسر … وضع  يده و ضغط عليها و إستمر في الركض … و النفس يكاد ينقطع … إقترب من محل صديقه … رآى الباب مفتوحا … ففرح و ابتسم … و أخذ يخف خطاه أكثر وهو يشعر بالمغص جراء الركض … إقترب من الباب … دفعه … وضع قدمه على عتبة الباب … و هناك توقف … ومع ذاك التوقف … توقف كل شيء … 

هرع صاحب المحل إليه ليجد أنه … فارق الحياة أمام الباب … و لم يفلح المسعفون في إنقاذه … 




شكراً 
أكمل قراءة الموضوع...